وقال الشيخ تاج الدين المذكور: الشيخ جندل من أهل الطريق، وعلماء التحقيق، اجتمعت به في سنة إحدى وستين وستمائة، فأخبرني أنه بلغ من العمر خمسا وتسعين سنة.
وكان يقول: طريق القوم واحد، وإنما يثبت عليه ذوو العقول الثابتة.
وقال: المولّه منفيّ ويعتقد أنه واصل، ولو علم أنه منفيّ لرجع عما هو عليه.
وقال: ما تقرب أحد إلى الله عزّ وجلّ بمثل الذّلّ والتّضرّع والانكسار. «١»
قال الشيخ تاج الدين: واجتمعت به في شعبان سنة أربع وستين وستمائة فقال: أنا أحقّ الملك [العادل]«٢» وقد جاءه من حلب عسكر يحاصره، وكان عمري إذ ذاك خمس عشرة سنة، وقال لي: دنا الموت، ولم يبق إلا القليل.
ثم قصّ عليّ رؤيا استدلّ بها على هذا، فسألته عن الرؤيا؟، فقال: رأيت من زمان متقادم كأني أفرغت في بيتي جمل بصل، فأخذت منه بصلة بيدي، فرأيت عليها عبد الرحمن شملة «٣» ، فجعلتها في حجري، وعرفت أن ذاك البصل كله مشايخ، أريد أن أجتمع بهم، وأراهم، ويروني. فلما كان هذا القرب رأيت كأني عبيت الجوالق «٤» البصل، ولم يبق إلا قليل، فعلمت بذلك قرب الأجل. حدّثني بذلك عشية السبت ثامن شعبان من السنة المذكورة.
وكانت وفاته بقرية منين في شهر رمضان المعظّم، سنة خمس وسبعين وستمائة «٥» ، ودفن بزاويته المشهورة، وعلى ضريحه من الجلالة والهيبة ما يقصر الوصف عنه. رحمه الله تعالى.