عبد الكريم بن الزكي خصوصية بالشيخ عثمان، وكان يتردد إلى قرية برزة حين أقام بها، وكان لا يزال يشكو إليه ما يجده من سوء أخلاق امرأته، وتكبّرها عليه بما لها من الأوقاف والغنى. وكان الشيخ ينهاها في كل وقت، ويخوفها عاقبة فعلها، إلى مرة زادت في سوء معاملته، فلما شكاها إلى الشيخ عثمان، قال لها: النوبة الفيصلة بيننا وبينك. ثم قال لابن الزكي: إن عاد بدا منها النوبة شيء قل: يا عثمان، يا نحس!.
قال ابن أبي الطيب: فلما أتى يوم موسم، أو حفل كانت بالميطور وقد اجتمع عندها جماعة من النساء، فلما أراد أن ينزل إلى المدينة، قالت له: ابعث لنا كذا وكذا، من الحلوى، وغيرها، فبعث بشيء، فاغتاظت، فلما طلع لامته، ثم احتدّت إلى أن عادت إلى عادتها وأشدّ، فصاح ابن الزكي: يا عثمان! يا نحس!، يا عثمان، يا نحس!. ثم لم يستكمل المجلس حتى أخذتها الحمّى الحادّة، المحرقة، وقالت له: قتلتني والله!. ثم قالت:
والله النوبة هي الفيصلة، ففطن ابن الزكي وقام لوقته حتى أتى الشيخ عثمان، ليسأله في أمرها، فمنذ رآه مقبلا من بعيد قال له: أحسن الله عزاك! ارجع جهّزها، فقد قضي الأمر، فرجع وكان الأمر كما قال.
وحكى لي غير واحد من أهل برزة «١» : أن الملك الأوحد كان قد تعجّل نوبة كسروان منهم خراج سنة، ثم لما طال المقام بالجبل بعث يستلف سنة أخرى، فأضرّ ذلك بنا، ولم يبق إلا من أخذ دوابّه، أو قماش نسائه، أو غزلهنّ ليبيعه، فلما رأى الشيخ عثمان ما حصل لنا بذلك من الضرر والإزعاج، اغتاظ حتى كاد يتميز من الغيظ، ثم قال: لا تبيعوا شيئا، فإنه قد قضي الشغل، فلم يلبث أن جاءنا الخبر بأن الملك الأوحد قد توفي في ذلك اليوم.
وأخباره ومناقبه كثيرة.
حكى لي القاضي عبد الله البستاني الفقيه، قال: كان الشيخ صدر الدين ابن الوكيل حسن العقيدة في الفقراء، وسمعته يحكي قال: طلبني الأفرم مرة، طلبا مزعجا، فجئته،