قالوا: إنه لم يشتر شيئا حتى يزن ثمنه أولا، ويجعله في يده، ثم ما يتسلم المبيع حتى يصير الثمن في يد البائع.
هذا إلى عيادة مرضى، وتشييع جنائز، والقيام بحقوق إخوانه وأصحابه وجيرانه، والإفضال عليهم بتفقده، واشتهر أمره في زمانه، وأجمع عليه أهل وقته.
وكان ابن تيمية، وابن الفركاح، وابن الوكيل، وابن الزملكاني، وغيرهم من علماء الوقت مجمعين على فضله وصلاحه، وكان الناس تحمل أولادهم وتأتي إليه ليمسح بيده على رؤوسهم، ويدعو لهم، ويعودهم، فيفعل ذلك، ثم ما ينصرف واحد منهم حتى يعطيه خشكنانكة، أو خشكنانكتين، أو أكثر من ذلك، ويعطي الناس على مقدارهم، وينزل الناس منازلهم، ويجزل لذوي الحاجة، حتى أن الفقراء منهم كان يعطيهم مع الخشكنانك ما تيسر من الفضة أو الفلوس، ولا يعرف هذا المدد من أين، ومعاشه لا يحمل بعضه. وكان على قدم عظيمة، وسلوك على عزة.
وحدثني الحافظ العلائي قال: لما اشتد الخوف بأهل دمشق نوبة شقجب، فغدا الشيخان محمد الأرموي، ومحمد بن قوام في الجامع الأموي، واجتمع إليهما الناس، وشرعوا في التوجه إلى الله تعالى، وقرؤوا الحديث الشريف، فلما أكملوا القراءة والدعاء أذنت المغرب، وكان ذلك في رمضان، قام الشيخ نجم الدين الخشكنانكي، ومعه علبتان من الكعك المحشو، تقدير ما يكون في مثليهما عشرون كعكة، فأعطى كل واحد من الشيخين كعكين كعكين، ثم فرّق على بقية الناس كذلك، وكان الجامع مملوءا من الناس، لو فرّق عليهم ثلاثمائة علبة لم يكفهم!، ولم يفطن أحد لذلك في ذلك الوقت، ولا فيما بعده حتى مات، فلما وضع سريره للصلاة عليه، لم يبق إلا من ذكر تلك الكرامة، وعدّها من كراماته.
وحدّثني صاحبنا الشريف محمد بن أحمد بن علي بن ظاهر الحسيني، قال: كانت لنا دار بالخضراء، وظهور بعضها لغيرنا، وكنا في غاية الضرر بملك الغير لها، فباعها مالكها من