من بني أمية، يقال أنها حكمية [١] ، اعتصموا بالجبال، عند غلبة الرجال عليهم، واستغنوا بمنعتها عند استعمال البأس، ومخالطة الناس، طلبا للسلامة من أعدائهم، وفرارا من اعتدائهم، فانخرطوا في سلك الأكراد، فسلموا، وهم الآن في عدد كثير، يزيدون على ثلاثة آلاف، كان ملكهم عماد الدين بن الأسد بن متكلان، ثم خلفه ولده الملك أسد الدين، وتحت يده المعادن ما ينقل من الزرينجين، إلى سائر الأماكن، وكان ظهر له معدن اللازورد، فأخفى، لئلا يسمع به ملوك التتر، فيطلبونه.
ومعقله الذي يعتمد عليه من أمنع المعاقل على جبل عال، مقطوع بذاته، قرين الجبال قائم في وسطها مع الانفصال شامخ في الهواء راسخ فيما حوله من الماء، والزاب الكبير محدق به، فاصل بينه وبينها بإذن ربه، لا محط «١» للجيش عليه، ولا وصول للسهام إليه، سطحه للزراعة متسع، وفي كل ضلع من جوابنه كهف «٢» مرتفع، يأوى إليه من شاء للامتناع، فيمتنع، والماء محيط بأساسه، والثلج لا يزال يشتغل، سببه برأسه، والصعود إليه في بعض الطريق يستدعى العبور على أوتاد مضروبة مصلحة لمن يطيق، ومن لا يستطيع التسليق، جر بالحبال (يعلق بها)«٣» وكذلك ترفع البغال للطواحين والذخائر التي يحتاج إليها في كل حين.
والملك عليهم معتبر عند الأكراد، ولهم على كلمته اعتماد، يدعى بهاء الدين بن قطب الدين، وولده في الملك يجرى مجراه، ويخلف في سيرته أباه، وكان له ابن عم آخر يدعى بشمس الدين داود، عصا على دولة الأعداء مدة، وعجزوا عنه، وقد اجتهدوا في غيلته بكل حيلة، فلم يقدروا عليه، فبالغوا في الإحسان إليه،