للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصري البحر ولا البرّ ولا السهل ولا الجبل.

والناس فيه على قسمين: حتى أهل بلده؛ فأناس يقولون: إن أموره كانت رحمانية.

وأناس يقولون: إنها شيطانية!. وسواد الجمهور: على حسن الاعتقاد فيه، وسأحكي من أموره ما فيه غنى للواقف عليه.

قدمت مصر وهذا الرجل قد طارت سمعته، وطرقت الشام، وأسمعت الخاص والعام، ولم تبق أذن إلا وفيها منه صالح، وذاكر له بذكر صالح، وكنت أتمنى لقاءه، وقصدت هذا في قدمتي الاسكندرية، فحالت دون ذلك شواغل خدمة السلطان، وتمادى عليّ ذلك الأمد، فقدم مصر حاجّا، وأتى إلى خدمة السلطان، واجتمع به في الميدان المجاور للاسطبل، وكان فخر الدين ناظر الجيوش الجامع بينهما، وقام السلطان له، وأكرمه، وأجلسه إلى جانبه، وأقبل عليه يحدّثه لما قرره فخر الدين في صدره، فلم يكن للشيخ حديث يحدّث به السلطان، ولا موعظة يعظه بها، ولا مصلحة من مصالح الدنيا والآخرة يوصيه بها، إلا الإطناب في شكر فخر الدين، وذكر دينه وزهده وصلاحه، وأنه يتعين على السلطان أن يغتبط به، ويعتمد عليه، ويمسكه بيديه، وجعل كل مجلسه في هذا. فنزل من عين السلطان، وقال لألجاي الدواداري: هؤلاء يتقارضون الشهادات!. ثم قال له: لو كان هذا وليا من أولياء الله أوصاني بسائر عباد الله، ولم يقتصر على ذكر الفخر، وكم في الناس من رجل قدمه خير من الفخر!.

وقال لبكتمر الساقي «١» : والله لولا الحياء من الناس كنت ضربه على فمه!.

ثم خرج المرشدي إلى الحج، وخرج السلطان إلى سرياقوس، فخرجنا معه، وأتانا الخبر بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>