القرائح ووأدها، لا يجيء أرسطو منه سينه، ولا أفلاطون في جبلته طينه، لو أنه في زمن اليونان لجلس في صدر الرواق، ولا ستقلت طرائف المشائين حوله المشي على الأحداق، لعلم جمع بين علوم الإسلام واليونان، ووقع على ما يلقط مثله من الأفنان، ولم يقنع إلا بكل عباب، ولا رضي من جنات التصانيف حتى دعي إليها من كل باب، لو قرن به الفارابي لفر، أو الكندي لما كدّ نفسه ولا كر، بل لو تقدم في عصور الأوائل لتكلم وسكت كل قائل، وأقرّ كل طائر الصيت بأنه ما هو عنده طائل.
علم أعلام، ومملي كلام، ومالئ طروس «١» وأقلام. شعلة ذكاء، لم يبق شرق ولا غرب حتى أضاء فيه شعاعها، وامتدّ إليه شراعها، وأشرقت عليه شمسها، وانبسطت به شمسها، وغلب عليه صيتها، وغلّ به عفريتها، ومشت فيها الحكماء على قانونه «٢» ، ورأت الشفاء بمضمونه، وعرفت الحكماء بإشاراته،