الممالك شتها، وتقلد أمورها، وقلد المنة بولايته أميرها، وتزيّا بزيّ أرباب الدول، وأصبح في أصحاب الخول «١» ، واقتنى الغلمان الأتراك، ووقع بالحب في الأشراك، وكان غلمانه يلبسون الديباج المنسوج بالذهب، ويشدون مناطق الذهب المرصعة بالجواهر، ويزهر بهم جلوته، وتعمر خلوته، يبيت معهم الليالي في الحمام، ويبادر بتنعمه بهم صروف الحمام «٢» ، حتى قال له ملكه: كيف تنهانا عن الإتيان في الحمام؟ فقال: لأن الملك يحب أن يعيش طويلا، وأنا أحب أن أعيش طيبا. وكان لا يملك صبرا عن غلمانه، ولا يشغل إلا بهم فراغ زمانه، حتى كانوا سبب حمامه، وجلب سمامه. وكان السبب في فعلتهم، ومرشدهم في هذا إلى ضلّتهم، أنهم سرقوا له مالا جليلا، ثم خافوه، وسئموا فعله الطويل بهم وعافوه، فشابوا له درياق «٣» مثرود يطوس، كان يستعمله بسمّ أبى إلا أن يقتله، فتعلّل «٤» به عامه حتى ساق الأجل إليه حمامه. وكانت الوزارة نقصا عيب به، وأطلقت الحكماء ألسنتها فيه بسببها، وقالوا: أذلّ العلم، ورضي من الفانية بالاستكثار!. فقال: لي أسوة بأرسطو في صحبة الاسكندر. وفيما قاله نظر، لأن أرسطو كان معلما للاسكندر ومشيرا، وابن سينا كان مكلّفا ووزيرا.
قال ابن أبي أصيبعة:" هو [إن كان] أشهر من أن يذكر، وفضائله أعظم من أن تسطر، ونحن نقتصر من وصفه على قدر ما ذكره عن نفسه. ووصفه أبو عبيد الجوزجاني «٥» صاحبه من أحواله والذي ذكره هو قال: كان أبي رجلا من أهل