ذكر النفس والعقل على الوجه الذي يقولونه ويعرفونه هم، وكذلك أخي، وربما كانوا يذكرونه بينهم وأنا أسمع وأدرك ما يقولونه، ولا تقبله نفسي، وابتدؤوا يدعونني إليه ويجرون على ألسنتهم ذكر الفلسفة والهندسة، وحساب الهند، وأخذ يوجهني إلى رجل كان يبيع البقل ويقوم بحساب الهند حتى أتعلمه منه، ثم جاء إلى بخارى أبو عبد الله الناتليّ «١» وكان يدعى المتفلسف، وأنزله أبي إلى دارنا، رجاء تعليمي منه، وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه والتردد إلى إسماعيل الزاهد «٢» ، وكنت من أجود السالكين، وقد ألفت طرق المطالبة «٣» ، ووجوه الاعتراض على المجيب على الوجه الذي جرت عادة القوم به.
ثم ابتدأت بكتاب" إيساغوجي" على البابلي. ولما ذكر لي أن حد الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالنوع في جواب ما هو، فأخذت في تحقيق هذا الحد بما لم يسمع بمثله، وتعجّب مني كل التعجب، وحذّر والدي من شغلي بغير العلم «٤» .
وكان أي مسألة قالها لي أتصورها خيرا منه، حتى قرأت ظواهر المنطق عليه،