هذا إلى توقير الملوك لجنابه، وتوفير خاطره الذي لو شاء لجنى به، وتعظيم حلّ به الذّرى، وحلّي ببعضه الورى، وخلى سهلا ما بين الثريا والثرى، لعلم قصّر من لببه، ومسك الناس بسببه، وجال ما بين الخافقين وجاب به، فامتدت الجداول من منبعه، وعدّت يد الأنواء دون إصبعه، وسرى صيته والرياح رواكد، وشرّق في البلاد وغرّب والنجوم إلى الصباح رواصد، وقطع في التصانيف النافعة شقق الأيام العريضة، وجعل جناح النسر في الليالي الطوال مثل جناح البعوضة، حتى طافت الأقطار وطارت في كل مطار، وهاهي الآن ملتزمة في الأيدي مثل خطوط الراح، وفي نظر العيون مثل فلق الصباح.
وحدّثني شيخنا قاضي القضاة جلال الدين القزويني «١» - وقد جرى ذكره- قال: كانت الملوك تتقي حدّ لسانه، حتى احتاج صاحب الألموت إلى إعمال الحيلة في مداراته، وتسبب لمال قبله منه، وأخافه لاستصلاح خاطره، لأنه كان لا يزال يبحث في فساد عقيدته، وتزييف أقواله، فينفر الناس عن دعاته، ويرد بالحرمان مساعي سعاته.
وإذا كان هذا فعله بصاحب الألموت، وهو الذي كان من عاداه يموت، فكيف