القرآن، والقراءات، محمودا في المذهب والخلاف، والأصول.
وكان سليمان عم الشيخ موفق الدين [فقيها مجيدا، وكان الشيخ موفق الدين]«١» عبد اللطيف كثير الاشتغال، لا يخلي وقتا من أوقاته من النظر في الكتب، والتصنيف والكتابة. والذي وجدته من خطّه أشياء كثيرة جدا، بحيث أنه يكتب من مصنفاته نسخا متعددة، وكذلك أيضا كتب كتبا كثيرة من تصانيف الفقهاء. وكان صديقا لجدّي، وبينهما صحبة أكيدة بالديار المصرية لما كان بها، وكان أبي وعمي اشتغلا عليه بعلم الأدب، واشتغل عليه عمي أيضا بكتب أرسطوطاليس، وكان الشيخ موفق الدين كثير العناية بها، والفهم لمعانيها.
وأتى إلى دمشق من الديار المصرية، وأقام بها مدة، وكثر انتفاع الناس بعلمه.
ورأيته في آخر مرة بدمشق وهو شيخ نحيف الجسم، ربع القامة، حسن الكلام، جيد العبارة، وكانت مسطرته أبلغ من لفظه. وكان- رحمه الله تعالى- ربما تجاوز في الكلام لكثرة ما يرى في نفسه. وكان يتنقّص الفضلاء الذين في زمانه، وكثيرا من المتقدمين. وكان وقوعه كثيرا جدا في علماء العجم ومصنفاتهم، وخصوصا الشيخ الرئيس ابن سينا ونظرائه.
ونقلت من خطّه في سيرته التي ألّفها ما هذا مثاله، قال:" إني ولدت بدار لجدي في درب الفالوذج، في سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وتربيت في حجر الشيخ [أبي النجيب] لا أعرف اللهو واللعب، وأكثر زماني مصروف في سماع الحديث، وأخذت لي إجازات من مشايخ بغداد، وخراسان، والشام، ومصر.
وقال لي والدي يوما: قد سمّعتك جميع عوالي بغداد، [وألحقتك في الرواية