وتبعنا، وبقي التركماني يمشي خلفه ويصيح به، وهو لا يلتفت إليه. ولما لم يكلّمه لحقه بغيظ، وجذب يده اليسرى، وقال: أين تروح، وتخليني؟.
وإذا بيد الشيخ قد انخلعت من عند كتفه، وبقيت في يد التركماني!، ودمه يجري من يده. فبهت التركماني، وتحيّر في أمره، ورمى اليد، وخاف.
فرجع الشيخ وأخذ تلك اليد بيده اليمنى، ولحقنا، وبقي التركماني راجعا وهو يلتفت إلينا حتى غاب، ولما وصل الشيخ إلينا رأينا في يده اليمنى منديله لا غير!! «١» .
وحدّثني صفيّ الدين خليل بن أبي الفضل الكاتب قال: حدّثنا الشيخ ضياء الدين بن صقر «٢» - رحمه الله تعالى-: أن في سنة تسع وتسعين وخمسمائة، قدم إلى حلب شهاب الدين السهروردي، ونزل في مدرسة الحلاوية، وكان مدرّسها يومئذ الشريف رئيس الحنفية افتخار الدين- رحمه الله تعالى- فلما حضر شهاب الدين وبحث مع الفقهاء كان لابس دلق «٣» ، وهو مجرّد بإبريق وعكّاز خشب، وما كان أحد يعرفه، فلما بحث، تميّز بين الفقهاء، وعلم افتخار