فتوجّه إلى هولاكو، وبيده عكاز، وسبحة، واصطرلاب، وخلفه من يحمل مبخرة، والبخور يضرم. فرآه خاصة هولاكو الذين على باب المخيم، فلما وصل أخذ يزيد في البخور، ويرفع الاصطرلاب، ينظر فيه ويضعه، ويسأل عن هولاكو ويقول: هو سالم هو سالم. يكرر ذلك ويقولون: نعم. فيحمد الله ويسجد؛ فلما رأوه يفعل ذلك دخلوا إلى هولاكو، وأعلموه، وخرجوا إليه. فقالوا: ما الذي أوجب هذا؟. فقال: القان، أين هو؟. قالوا له: جوّا «١» .
قال: طيب معافى موجود في صحة؟. قالوا: نعم. فسجد شكرا لله تعالى، وقال لهم: هو طيب في نفسه؟. قالوا: نعم. وكرر هذا ومثله، وقال: أريد أرى وجهه بعيني، إلى أن دخلوا إليه وأعلموه بذلك. وكان [في] وقت لا يجتمع فيه [به] أحد، فأمر بإدخاله، فلما رآه سجد وأطال السجود فقال له: ما خبرك؟ قال:
اقتضى الطالع في هذا الوقت أن يكون على القان قطع عظيم إلى الغاية «٢» ؛ فقمت وعملت هذا، وبخّرت هذا البخور، ودعوت بأدعية أعرفها، أسأل الله صرف ذلك عن القان. والطالع يقتضي أن يحقن القان دماء كثيرة، ويفرج عن نفوس كثيرة ليحقن دمه، ويفرج عنه، ويتعين الآن أن القان يكتب إلى [سائر] ممالكه، ويجهز الألجية في هذه الساعة إليها بإطلاق من في الحبوس «٣» والاعتقال، والعفو عمن له جناية أو أمر بقتله. لعل الله أن يصرف هذا الحادث العظيم، ولو لم أر وجه القان ما صدّقت. فأمر هولاكو في ذلك الوقت بما قال، وأطلق صاحب الديوان في جملة الناس، ولم يذكره النصير الطوسي. وهذا غاية في الدهاء بلغ به مقصده ودفع عن الناس أذاهم، وعن بعض الناس إزهاق