سقى قبره الوضّاح مثل بنانه ... سكوب الغوادي لا تغيب هتونه «١»
يضاحكه بالسفح بارق ليله ... تغازله تحت الظلام جفونه
فهل بعد هذا اليوم يدّخر الفتى ... بكاء عزيزا عنده لا يهينه
أرى الخطباء اليوم بعدك ألبسوا ... حدادا عليهم في الملابس جونه «٢»
أرى منصب الحكم العزيز تضاءلت ... معاليه وارفضّت عليك متونه
أرى المنبر العالي استكنّ لما به ... وكان به فوق السّها «٣» مستكينه
أرى قلم الإفتاء قد فات وقته ... وكان نظير الغصن تجبى فنونه
أرى منطق التدريس أخرس نطقه ... وأصبح إن قال، النهى «٤» لا تبينه
أرى مجلس التصدير أقوت رحابه ... ولم يرض إيداع الصدور حنينه
لقد أغلق التصنيف أبواب كتبه ... وأغفت لأحداث الزمان عيونه
فمن للمرجّي خاب ما كان يرتجي ... ومات أريحي كريم يعينه
لعمرك ما يجدي الحنين على امرئ ... تحطّ بأكناف القبور ظعونه
تمهّل به يا حامل النعش إنه ... يقطّع أصلاب الرجال شطونه «٥»
وهل يعلم الآتي إلى لحده به ... بأن الهلال المستنير دفينه
لقد عطّل الدست الرحيب إمامه ... وفارقه مأمونه وأمينه
وو الله إن الموت أكرم نازل ... بحرّ ولا يقضي عليه غبونه
فهل ساكن في الدهر ليس يسوؤه ... ومستأمن للدّهر ليس يخونه