الله المبين، وأثر سيد الأولين والآخرين، حتى نعلم أن الجامع لا يوجب لأن يؤخذ منه حبة، ولا يتعرّض إليه من في قلبه دين. فبدا إلينا حاجب الملك الذي ولّاه أمور الدين، وجعله بجهله حاكما على المسلمين، ولم يمكّنّا من الدخول إلى نائب السلطنة المعظّمة، حتى نشكو إليه ضرر المساكين، شهد الله العظيم أنهم ما استهابوا، ولا هابوا كلام ذي القوة المتين، إلا جوّدوا الضرب على الرءوس والأكتاف والمتين «١» ، وقد طلع من كان قبلنا إلى الذي استفتح البلاد، وكان كافرا بالله العظيم، فنزل عن ظهر جواده، ومشى إليه خاضعا متذلّلا كالمسكين يتذلل وهو تذلّل مستكين، وعفا عن العباد والبلاد، وأوصى جيوشه أن لا يسعوا في الأرض مفسدين، احتراما لكتاب الله، ولأثر سيد الأولين والآخرين- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-. فلما طلعنا ورددنا خائبين، طلب نائب السلطنة إماما من أئمة المسلمين، وقد نفخ الشيطان في معاطسه «٢» حين خلّاه بما يحدث رهينا أيّ رهين، وجلد ذلك الإمام، وعمل شيئا ما سبقه إليه أحد من العالمين، وجعل يقول- بجهله وقلة عقله وقد أمر بقتله-: أحرقني إن كان لك برهان من البراهين!.
فراقب ذلك الإمام مولاه، وناداه في سرّه ونجواه:" يا من لا يشغله شان عن شان، ولا تغلطه مسائل السائلين، اقض بالحق على الظالم يا ديّان يوم الدين".
أيها العبد الصالح! إنا خشينا عليك أن تفتن كما فتن الذين من قبلك ثم تولّوا مدبرين، فإذا حكم ربّ السماء والأرض، ونادى يوم القيامة: أحضروا الظالمين. فكيف ينطق من قد افترى على العلماء والفقهاء وأئمة الدين؟، وما احترم كتاب الله الذي أنزل فيه أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ