وكان الشيخ مزوّجا بابنته، وكان قد اتّهم بأخذ مال جليل للسلطان، وقد أمسكه السلطان وشدّد عليه في الطلب. فأتى الشيخ بنفسه إلى قوصون بسببه، فاعتذر إليه، وقال: هذه ساعة غضب السلطان، ما أقدر أكلّمه فيها!.
فقال له الشيخ: أنا أتحدّث مع السلطان. ثم أتاه وطلب الإذن عليه، فدخل فلما رآه وقف له، أكرمه، وأجلسه إلى جانبه، وقال له: في خير؟، ما جاء الشيخ إلا في حاجة؟!.
فقال له: نعم!. قال: ما هي؟. قال: ابن صورة.
قال: خذه، والله! ما أقدر أردك، ولولاك لكان له حال آخر. فخرج الشيخ فأخذه وانصرف.
قلت: وهو اليوم في مصر لإقراء أنواع العلوم الشرعية والعقلية، وعلم المعاني والبيان، والنحو والعربية، والإفتاء، وإفادة الطلبة، والإذن لنبهاء الفقهاء بالإفتاء، وإنشاء أهل العلم والتحصيل، حتى كثر عدد العلماء، واخضرّ به قلم الإفتاء، ولولاه لجفّ بموت من مات من العلماء، لأنه أذن لجماعة بمصر والشام وحلب، وتضرّم به وقود الأذهان والتهب.
وهو ممن قرأت عليه أصول الفقه، وعلم المعاني، والبيان. وممن أذن لي وأحسن، وجاد بما أمكن.
ولما رحل صاحبنا الشيخ الإمام الفاضل بدر الدين أبو عبد الله محمد الشبلي الحنفي «١» إلى الديار المصرية، كتبت إليه بسببه كتابا نسخته:-