الإمام، العالم، الفاضل، الفقيه، المحدّث، المفنّن، مجموع الفضائل، فلان الماثل على حضرته المشرفة بها، والخائض إليها ظلم الليالي لا يبالي بجنح غيهبها «١» ، وهو على ما هو عليه من التحلي بالوفاء في الزمان الغادر، والاتصاف بالصفاء في وقت يبدو فيه الكدر، وأوله ما يبدو من الشفق المحمر في لج الصباح الزاخر، من ذوي الفضل المتعدّد، والعلم المتجدّد، والذهن الساطع، والرأي الصائب القاطع، واليد التي لم تقصر به في التصنيف، ولم تعذر بسببه فيها تهب المسامع التشنيف، هذا إلى ذهن شفّت سرائره، وعرفت أمائره «٢» ، وتقى صلحت مضغة قلبه لتصلح سائره، وقد أمّ الآن الديار المصرية المحروسة التي هي الآن فلك شمسه وحضرة قدسه، وموضع ثمار العلماء من غرسه، وقد حمل ظمأه إلى بحره، وشقّ ظلمه إلى فجره، وجاب الفيافي في طلب العلم لديه، واشتمل ذيول الفجاج لحصول الأشمال عليه، وله أسوة بالعلماء الذين امتدت شمسه النيّرة نجومهم، وقدحت مشكاته المضيئة فهومهم، وأمطرت سحبه الروّيّة علومهم، وأطلق إذنه الشريف قلم فتاويهم، وشرف قدره المنيف لهمم معاليهم، ورعى إحسانه المطيف ذمم قصدهم، يقتحمون مناحل أيامهم، وجحافل لياليهم، وهو وإن لم يكن أظهر منهم استحقاقا، وأكثر لإحراز الفوائد استراقا، فما هو بدون جماعتهم، لا بأضعفهم طاقة عن جهة استطاعتهم، والمملوك ممن يثني بين يدي مولانا عليه باستحقاقه، ويصفه بما لا يقدر أحد فيه على شقاقه، وسيظهر له ما يزكي شهادة المملوك في الثناء على فضله والشكر له، وإن لم يكن المملوك من رجال هذا المقام، ولا من أهله، وإن لم يكن: