علم الفقه وتوجيهه، وعلم تشعّب طرقه ووجوهه، وعرف فيه وجوه الاختلاف ووجوب الائتلاف، ووجود المقتضي للترجيح، والمرتضى فيما يفتي به على الصحيح، ومن أين استنبطت الأدلّة، وعرف المعلول والعلّة. وتردّد إليّ، وقرأ عليّ، وبحث مع أفاضل العلماء لديّ، وناظر بحضوري أماثل الفقهاء، فملأ أذنيّ، وتكرر حضوره عندي، وظهر لي من مدده السحابي أن محلته لا تكدي.
ورأيته أهلا للإفتاء «١» والتدريس، والتصدير «٢» ، وولاية المدارس، وغير ذلك، مما ينافس فيه من هذه الرتب العليّة المنافس.
وقد استخرت الله، وأذنت له أن يطلق قلمه بالإفتاء، ويلحق بشأو «٣» الكهول في سن الفتاء «٤» ، وأن يرشد الضّلّال ويرشف من قلمه الزلال، ويتصدّر لإشغال الطلبة ونشر الفقه على ما يوافق في النصّ والقياس مذهبه، واقفا فيما يفتي به عند الصحيح الراجح والحق الواضح، والذي عليه نص مذهب إمامه الإمام أبي حنيفة- رضي الله عنه-، وأصحابه مما عليه الفتوى، وعلى ما ترشد إليه.
ومما أوصيه به من التقوى متيقنا أنه- أطال الله عمره- يموت ويبقى ما كتبت يداه، وأن الفتيا إذا خرجت من يده ربما وقعت في أيدي عداه. ثم إن الله سيسأله عما كتب، فليعدّ قبل أن يجيب على الفتوى الجواب، وليعد النظر مما