قلت: وقد ذكره ابن المازري «١» ، وقال:" قدم علينا مصر حاجّا، وتسامع به الناس، فأتوه من كل فج، وقرؤوا عليه كتبه، وغيرها، وحبوه «٢» بالذهب، وأنواع الحباء، فلم يقبل لأحد شيئا. وكان متقلّلا من الدنيا، زاهدا في حطامها، لا يزال يذكر الموت وهو المطّلع، ويقول: ليت أمي لم تلدني! ".
قال:" وكان كثير الصدقة والبر، ولا سيما إذا رأى ذا عجز ظاهر. ملازما للصلوات في أوقاتها. نزل في دار قريبة من المسجد الجامع، ليقرب عليه أداء الفرائض في الجماعة، وكان إذا صلى ظهر عليه من الخشوع وفيض الدموع ما يكاد يرحمه به من رآه.
قال: وكان لا يزال ينشد: [الطويل]
إذا نظر الدنيا بصير بحالها ... تيقّن أن الدهر جمّ المصائب
فمن عارف تصطاده باقتسارها «٣» ... وغرّ بها تصطاده بالرغائب
فما ماؤها إلا سراب بقيعة ... وما عيشها إلا تحلّم كاذب
لحا «٤» الله مغترّا بها وصروفها «٥» ... وفي بعضها للمرء كل العجائب