وحكى أبو الفتح ابن سيد الناس «١» : أنه لما قدم إلى الديار المصرية وهو شابّ، حضر سوق الكتب، وابن النحاس شيخ العربية حاضر، وكان مع المنادي ديوان ابن هانئ المغربي، فأخذه الشيخ ركن الدين، وأخذ يترنّم بقول ابن هانيء:[الكامل]
فتكات لحظك أم سيوف أبيك ... وكؤوس خمرك أم مراشف فيك «٢»
وكسر التاء، وفتح الفاء والسين والفاء، فالتفت إليه ابن النحاس، وقال له: ماذا إلا نصب كثير.
فقال له الشيخ ركن الدين- بتلك الحدة المعروفة منه والنفرة «٣» -: أنا ما أعرف الذي تريده أنت من رفع هذه الأشياء، على أنها أخبار لمبتدآت مقدّرة، أي: أهذه فتكات لحظك، أم كذا، أم كذا؟. وأنا الذي أقوله أغزل وأمدح، وتقديره: أأقاسي فتكات لحظك، أم أقاسي سيوف أبيك، وأرشف كؤوس خمرك، أم مراشف فيك. فأخجل ابن النحاس، وقال: يا مولانا! فلم لا تتصدّر وتشغل الناس؟.
فقال- استخفافا بالنحو، واحتقارا له-: وأيش هو النحو في الدنيا؟. أو كما قال.