وأما الطب: فإنه إمام عصره، وغالب طبّه بخواصّ ومفردات يأتي بها وما يعرفها أحد لأنه يغيّر كيفيتها وصورتها، حتى لا تعلم، وله إصابات غريبة في علاجه.
وأما الأدب: فإنه فريد فيه، يفهم نكته، ويذوق غوامضه، ويستحضر من الأخبار والوقائع والوفيات للناس قاطبة جملة كبيرة، ويحفظ من الشعر شيئا كثيرا إلى الغاية من شعر العرب، والمولّدين، والمحدثين، والمتأخرين، وله في الأدب تصانيف، ويعرف العروض والبديع جيدا، وما رأيت مثل ذهنه توقد ذكاه بسرعة ما لها رويّة، وما رأيت فيمن رأيت- أصحّ منه ذهنا، ولا أذكر «١» .
وأما عبارته الفصيحة الموجزة، الخالية من الفضول، فما رأيت مثلها. كان ابن سيد الناس يقول: ما رأيت من يعبّر عما في ضميره بعبارة موجزة مثله، انتهى.
قال أبو الصفاء «٢» :" لم أر أمتع منه، ولا أفكه من محاضرته، ولا أكثر اطّلاعا منه على أحوال الناس وتراجمهم، ووقائعهم، ممن تقدّمه، وممن عاصره.
وأما أحوال الشرق ومتجدّدات التتار في بلادهم في أوقاتها: فكأنما كانت القصّاد تجيء إليه، والملطّفات تتلى عليه، بحيث إنني كنت أسمع منه ما لم أطّلع عليه من الديوان «٣» .