وعمّر مدّة في صدر الإسلام، وسطر عدة تحفظ له من حرّ الكلام. وهو الذي تعدّه أمّة العرب سابق أطبائها، وسابق أبنائها، وكفاه شكرا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجرى له ذكرا.
قال ابن أبي أصيبعة «١» :" كان من الطائف، وسافر في البلاد وتعلّم الطب بناحية فارس، وتمرّن هناك، وعرف الداء والدواء. وكان يضرب بالعود، تعلّمه بفارس واليمن، وبقي أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- وأدرك سلطان معاوية. وقال له معاوية: ما الطبّ؟. قال:" الأزم". يعني: الجوع.
وفي الحديث:" إن عمر- رضي الله عنه- سأل الحارث بن كلدة: ما الدواء؟. قال: الأزم- يعني الحمية-.
وروي عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- أنه مرض بمكة مرضا، فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- وقال:(ادعوا له الحارث بن كلدة فإنه رجل يطبّب)«٢» . فلما نظر إليه الحرث قال:" ليس عليه بأس، اتّخذوا له فريقة «٣» بشيء من تمر عجوة، وحلبة «٤» ، يطبخان". فتحسّاها، فبرئ.
وفد على كسرى أنوشروان، فلما وقف بين يديه قال له: من أنت؟.