فلهذا قصد مرات بالغوائل «١» ، وأرصد تارات لغلق الحبائل، فلو لم تتذكر له سوابق المساعي، ويتدارك بالدرياق به سم الأفاعي، لما امتدّ به طلق نفسه، ولا نفّس عنه حلق حبسه، ثم صلح حاله، وقوي محاله، ونطق في مجالس الخلفاء لسانه، وصدق إحسانه، واستعاد أيامه الأول أترابا، وأياماه الحسان- وطالما هزّته- إطرابا.
ذكره ابن أبي أصيبعة «٢»
وقال فيه:" كان سريانيا نبيل القدر، وبلغ من عظم المنزلة والحال، وكثرة المال، مال لم يبلغه أحد من سائر الناس، الذين كانوا في عصره، وكان يضاهي المتوكل في اللباس والفرش".
قال [فيثون] الترجمان: وكان ابن أبي دؤاد وابن الزيات يعاديانه، ويغريان به الواثق، فسخط عليه وقبض على أمواله وضياعه، ونفاه إلى" جنديسابور" فلما اعتلّ الواثق بالاستسقاء بعث لإحضاره، ثم عاجل الواثق الموت قبل وصوله، ثم صلحت أيام المتوكل حاله، إلى أن بلغ مبلغا حسده عليه المتوكّل وقبض عليه".
قال:" إن بختيشوع كان عظيم المنزلة عند المتوكل، فأفرط في الإدلال عليه، فنكبه، وقبض على أملاكه، ونفاه إلى مدينة إسلام. ثم عرض للمتوكل قولنج، فاستحضره، واعتذر إليه وعالجه، فبرئ، فأنعم عليه ورضي عنه، وأعاد عليه ما كان له، ثم جرت على بختيشوع مكيدة أخرى، فنكب، ووجّه به إلى البصرة!.
ثم ردّه المستعين إلى وظيفة الخدمة وأحسن إليه إحسانا كثيرا. فلما ولي المهتدي جرى مجرى المتوكل في أنسه بالأطباء، وكان بختيشوع لطيف المحل