فنال منها ما لم يبلغه أمله. فمن أعظم المحال أن يكون هذا مشؤوما، ولكن إن أحبّ أمير المؤمنين أن أخبره بالمشئوم من هو؟ أخبرته.
فقال: ومن هو؟.
فقال: من ولدته أربع خلفاء، ثم ساق الله إليه الخلافة، فترك الخلافة وقصورها، وبساتينها، وقعد في دكان مقدار عشرين ذراعا في مثلها، في وسط دجلة، لا يأمن عصف الريح عليه فيغرقه ثم يتشبّه بأفقر قوم في الدنيا وشرّهم، وهم صيادو السمك!.
قال لي أحمد بن هارون: قال لي المتوكل: فرأيت الكلام قد أنجع فيه، إلا أنه أمسك لمكاني.
قال يوسف: وحدثني أحمد بن هارون أن الواثق قال في هذا اليوم ليوحنّا وهو على هذه الدكان: يا يوحنا! ألا أعجبك من خلة؟. قال وما هي؟.
قال: إن الصيّاد ليطلب السمك مقدار ساعة فيصيد السمكة تساوي الدينار أو ما أشبه ذلك، وأنا أقعد منذ غدوة إلى الليل فلا أصيد ما يساوي درهما!.
فقال له يوحنا: وضع أمير المؤمنين التعجب في غير موضعه. إن الله تعالى جعل رزق الصياد من صيد السمك، فرزقه يأتيه لأنه قوته وقوت عياله، ورزق أمير المؤمنين بالخلافة، فهي غني عن أن يرزق بشيء من السمك، ولو كان رزقه جعل في الصيد لوافاه رزقه منه مثل ما يوافي الصياد.
قال يوسف: وحدّثني إبراهيم بن علي متطبّب أحمد بن طولون: إنه كان في دهليز «١» يوحنا بن ماسويه ينتظر رجوع يوحنا من دار السلطان، فانصرف وقد