والاسترخاء، واللقوة، وخالف مسطور القدماء، أخذ المرضى بالفصد والتبريد، ومنع المرضى من الغذاء فأنجح تدبيره، وتقدّم، وانتهت الرياسة إليه، وعوّل الملوك عليه، فرفع عن البيمارستان المعاجين الحارة، والأدوية الحادة، ونقل تدبير المرضى إلى ماء الشعير، ومياه البزور، فأظهر من المداواة عجائب. من ذلك: ما حكاه لي" بميافارقين" الرئيس أبو يحيى ولد الوزير أبي القاسم المغربي، قال: عرض للوزير بالأنبار «١» قولنج صعب، أقام لأجله في الحمام، واحتقن عدة حقن، وشرب عدة شربات، فلم ير صلاحا. فأنفذنا رسولا إلى صاعد، فلما جاء ورآه على تلك الحال، ولسانه قد قصر من العطش، وشرب الماء الحار والسكر، وجسمه يتوقّد من ملازمة الحمّام، ومداومة المعاجين الحارة، والحقن الحارة، استدعى كوز ماء مثلوج، فأعطاه الوزير، فتوقف عن شربه، ثم إنه جمع بين الشهوة وترك المخالفة، وشربه، فرويت في الحال نفسه. ثم استدعى فاصدا ففصده، وأخرج له دما كثير المقدار، وسقاه ماء البزور، ولعابا، وسكنجبين، ونقله من حجرة الحمام إلى الخيش، وقال له: إن الوزير- أدام الله عافيته- سينام بعد الفصد، ويعرق وينتبه، فيقوم عدة مجالس، وقد تفضّل الله بعافيته. ثم تقدّم بصرف الخدم لينام. فقام الوزير إلى مرقده، وقد وجد خفّة بعد الفصد، فنام مقدار خمس ساعات، وانتبه يصيح بالفراشين. فقال صاعد للفرّاش: إذا قام من الصبيحة، فقل له يعاود النوم حتى لا ينقطع العرق، فلما خرج الفراش من عنده قال: وجدت ثيابه كأنها قد صبغت بماء الزعفران، وقد قام مجلسا ونام، ثم لا زال الوزير يتبرّد دفعات إلى آخر النهار مجالس عدة، ومن بعد هذا غذّاه بمزورة، وسقاه