للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«١» وهي أول النطاق الأول، وهذه المملكة صاحبها اسمه يلنج [١] ، ويشقها نهر مندروس، وهي إلى جانب جبل القسيس، في غربه بشمال، وموقعها جنوبي ما بين مرمر إلى بركي، ومدينة طغرلو كرسيه، وكأنها دمشق في تصوير خطة وبساتين حولها مختطة، لكنها أكثر من دمشق ماء وفاكهة، وأوسع غوطة، ولكن ليس لصاحبها مدينة سواها، ولا عمل إلا إياها، إلا أن لها قاعدة قرى وضياع ليست بكثيرة، ولا كثيرة ازدراع، وأكثر ما فيها من الفاكهة الرمان وهو على عدة ألوان، ويباع ألف بدرهم، وكله بلا عجم له، مكسّر كأنه شرارنار أو بهرمان، أدرج في ثوب نصار، أو مدامع عشاق في نهود أبطار، وهو في غاية الكثرة والرخص، ولذاذة المأكل، ويعتصر ماءوه، ويعمل منه دبس إذا نزل هو والعسل، إيهم (المخطوط ص ١٧١) الفرق ما بينهما، وأشكل، ويعمل منه شراب أشد إسكارا من الخمر، وأقرب إليه مشابهة مما يعمل من التمر، وهم أكثر معاطاة له من الخمر على كثرته عندهم.

وما ذاك إلا لأمر سألت بلبان عن السبب في هذا مع إجماع العقلاء على تفضيل الخمر على كل مسكر، فقال: أنه لا يعلم السبب، ولا يوجب الحب لها إلا مضاحكة الجنب.

قال: وأهل هذه البلاد، كأنما خلقوا لارتضاع كؤوس، ولإماطة نقب عن شموس فمالهم غير اغتباق [٢] كأس من معين، واعتناق مائس من قدود الخرد العين، فهم أبدا في بلهينة في الوطم، وأمنية مع الظفر، ولأميرهم عليهم عدل، ولا يشكون معه الأجور الساقي، ولا يخافون معه إلا عقرب صدغ أعجزت الراقي، أو دم عاشق يطل أو على خدود الغانيات الباقي.


[١] هو شجاع الدين تنج بك علي بك حكم سنة ٧٣٥ هـ (معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ٢٢٩) .
[٢] اغتباق من الغبوق وهو خمر المساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>