إذ اعترضه رجل فقال: يا سيدي!، كنت في صناعتي هذه في الحمام، وحلقت رأسي، وأجد الآن في وجهي كله انتفاخا وحرارة عظيمة. قال: فنظرنا إلى وجهه يربو وينتفخ، وتزيد حمرته بغير توقف ولا تدريج.
قال: فأمره أن يكشف رأسه ويلقى به الماء الجاري من قناة كانت بين يديه، وكان الزمان إذ ذاك صميم الشتاء، وغاية البرد، ثم لم يزل واقفا حتى بلغ ما أراد مما أمر به، ثم أمر الرجل بالانصراف، وأشار إليه بالأوفق، وهو تلطيف التدبير واستعمال النقوع الحامض مبردا، وقطع الزّفر، قال: فامتنع أن يحدث له شرّ ما.
وقال الطرطوشي في كتاب" سراج الملوك"«١» : حدثني بعض الشاميّين، أن رجلا خبازا بينما هو يخبز في تنّوره بدمشق، إذ عبر عليه رجل يبيع المشمش، فاشترى منه، وجعل يأكله بالخبز الحار. فلما فرغ سقط مغشيا عليه، فنظروا، فإذا هو ميت!؛ فجعلوا يتربصون به، ويحملون له الأطباء، فيلتمسون دلائله، ومواضع الحياة منه، فلم يجدوا؛ فقضوا بموته، فغسل وكفّن، وصلّي عليه، وخرجوا به إلى الجبانة، فبينما هم في الطريق على باب البلد إذ استقبلهم رجل طبيب يقال له اليبرودي، وكان طبيبا ماهرا حاذقا، فاضلا عارفا بالطب، فسمع الناس يلهجون بقضيته، فقال: حطّوه حتى أراه!.
فوضعوه، فجعل يقلبه، وينظر في أمارات الحياة التي يعرفها، ثم فتح فمه وسقاه شيئا، أو قال: حقنه، فاندفع هناك، فإذا الرجل قد فتح عينيه، وتكلم، وعاد إلى حانوته كما كان!!.
وحدّثني الشيخ مهذّب الدين عبد الرحيم بن علي عن موفق الدين أسعد بن