فيه اعتقاد، وأسلم في أيامه، وكان يغلب على ابن المطران الكبرياء، حتى على الملوك، وكان يعلم صلاح الدين ذلك منه.
حكى عنه من كان معه في بعض غزواته أن صلاح الدين كان ينصب له في أوقات حروبه خيمة حمراء، بدهليز أحمر، وميضأة حمراء؛ فبينا هو راكب وإذا به قد نظر إلى خيمة حمراء ظنّها خيمته؛ فسأل: لمن هي؟. فقيل له: لابن المطران الطبيب. فضحك وقال: والله قد عرفت هذا من حماقته. ثم قال: ما بنا إلا أن يعبر أحد من الرسل، فيعتقد أنها خيمة أحد الملوك، وإذا كان لا بد، فليغير ميضأتها.
فصعب هذا على ابن المطران، وبقي يومين لا يأتي الخدمة حتى ترضّاه صلاح الدين، وأعطاه مالا".
وشكا أبو الفرج النظروي الطبيب إلى صلاح الدين ضرره ببنات له يريد تجهيزهنّ. فأمره أن يكتب ورقة بما يحتاج إليه، فكتب شيئا بنحو ثلاثين ألف درهم، فأمر له بما تضمّنته ورقته، فبلغ ذلك ابن المطران، فقصر في الخدمة، وتبين لصلاح الدين هذا من تغير وجهه، فأمر بأن يحسب جملة ثمن ما اشترى به جهاز بنات أبي الفرج، ويعطى ابن المطران نظيره.
وحكى المهذب عبد الرحيم بن علي أن أسد الدين شير كوه صاحب حمص طلب ابن المطران، قال: فتوجّه وأنا معه، فبينما نحن في بعض الطريق، وإذا رجل مجذوم قد استقبله، وكان المرض قد قوي به حتى تغيرت خلقته، وتشوّهت صورته، فاستوصف منه ما يتناوله، ويتداوى به، فبقي كالمتبرّم به، ثم قال له:
كل لحوم الأفاعي، فعاوده، فقال: كل لحوم الأفاعي، فإنك تبرأ، يكررها عليه، ثم مضينا إلى حمص، وأقمنا بها نعالج المريض الذي طلب لأجله، إلى أن صلح،