كانت أغلب عليه، وبها عرف، وولد ابنه الرضي بالجزيرة في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، ونشأ بها، وأقام بنصيبين، ثم الرحبة، ثم سافر إلى بغداد وغيرها، واشتغل في علم الطب، وتميز فيه، ثم أتى مصر واجتمع بالموفق بن جميع المصري، وانتفع به، وكان قدومه دمشق في الأيام النورية، فرأى ابن النقاش وأخذ عنه، ولزمه، فنوّه بذكره، وقدر له بالمثول الحضرة الصلاحية، فحسن موقعه إليها، ورتب في المارستان النوري، وأطلق له إدرار سلطاني ودام إلى أيام المعظم، وأشغل خلقا كثيرا صاروا شيوخ إقراء، حتى كان لو اعتبر أطباء الشام لم يوجد منهم إلا من قرأ عليه أو على من قرأ عليه. وممن قرأ عليه" المهذب": عبد الرحيم بن علي، وكان لا يرى أن يقرئ ذميا ولا عادم أهلية.
وكان يلازم في طبه قوانين حفظ الصحة الموجودة، وكان يتوقى صعود السلالم، ويقول: السلم منشار العمر.
ومن نوادره في طبه: أن ابن مرزوق ذكر أن الصاحب ابن شكر كان يلازم أكل الدجاج، فلحقه شحوب، فشكاه إلى الأطباء، فوصفوا له أنواعا من الأشربة وغيرها، فلما شكا إلى الرحبي قال: يحضر الجواب، ثم نهض فأحضر له قطعة من صدر دجاجة، وقطعة حمراء من لحم ضأن، ثم قال له: أنت تلازم أكل لحم الدجاج، فلا يأتي الدم المتولّد منه إلا شبهه، ولو أكلت من لحم الضأن لأتى الدم المتولد منه يشبهه، فاترك لحم الدجاج، ولازم لحم الضأن، وما تحتاج إلى علاج.
ففعل ذلك، فزال شحوبه، وصلح لونه.
وتوفي يوم عاشوراء سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ودفن بقاسيون.