كانا من أصدقائه، فلما أتيا مصر أشارا عليه بإشغال ولديه في الطب، يعني المؤرخ عمه هذا وأباه، فأمرهما بملازمة ذينك الرجلين، وأن أباه أكثر الأخذ عن الشهاب يوسف، ثم قرأ على الرئيس موسى وأهل طبقته، وأن همّه كان أو اشتغاله على أبي التقى صالح بن أحمد المقدسي، ثم لازم ابن أبي الحوافر، وكان إذ ذاك رئيس الأطباء في أيام العزيز، ثم باشر المرضى بالمارستان، ثم أخذ صناعة الكحل عن النفيس بن الزبير، وقرأ على عبد اللطيف البغدادي، وكان يشتغل بالسديد المنطيقي، واشتغل بعلم النجوم، وأخذ الموسيقى عن ابن الديجور المصري، وعلي ابن التبان «١» ، ثم اجتمع بأعيان المصنفين فيه، ثم لما عاد أبوه إلى الشام انتقل معه واجتمع بمن به من المتعينين، وباشر المارستان النوري، ثم خدم الأمجد صاحب بعلبك، ثم خدم العادل ثم المعظم، ثم الناصر ابنه، وتوفي في الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة ست عشرة وستمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
ومن كلامه قوله:" ما أحسن الصبر لولا أن النفقة عليه من العمر".
وقوله:" الأصدقاء كنفس واحدة في أجساد متفرقة".
وقوله:" المال مغناطيس أنفس الجهلاء، والعلم مغناطيس أنفس العقلاء".
وقوله:" القانع مساعد على بلوغ مآربه".
ومن شعره:[الكامل]
يا صاحبيّ سلا الهوى وذراني ... كفّا الملام عن المحب العاني
لا تسألاه عن الفراق وطعمه ... إن الفراق هو الممات الثاني