هذا، واعتمد عليه في الطب، وأناله فوق أمنيته، وله ألّف:" الدرياق السبعيني" واختصره عشاريا، ثم اختصره سباعيا. ويعرف بدرياق الأنتلة.
واحتاج عبد المؤمن إلى شرب دواء مسهل، وكان يكره الدواء، فعمد ابن زهر إلى كرمة في بستانه، وجعل الماء الذي يسقيها به ماء قد أكسبه قوة الأدوية المسهلة التي أرادها لإسهاله، فطلع فيها العنب وفيه تلك القوى، فحمي عبد المؤمن وأتاه بعنقود منها، وقال له: كل منه. وكان حسن الاعتقاد فيه، فلما أكل منه وهو ينظر إليه، قال له: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد أكلت عشر حبات من العنب، وهي تخدمك عدد هذه الحبات [عشر]«١» مجالس، فقام العدة التي ذكرها، ووجد الراحة واستحسن منه فعله، وتزايدت به منزلته عنده.
وكان يجد في مروره إلى دار الخلافة مريضا به سوء قتبه «٢» ، وقد كبر جوفه واصفر لونه، فلما كان في بعض الأيام وقف عنده ونظر إليه، فوجد عند رأسه إبريقا عتيقا يشرب منه الماء، فقال له: اكسر هذا الإبريق، فإنه سبب مرضك، فقال له: لا بالله يا سيدي، فإنه ما لي غيره، فأمر بعض خدمه بأن يكسره، فكسره، فطلع منه ضفدع وقد كبر مما له فيه من طول الزمان!. فقال له زهر:
خلصت يا هذا من المرض".
وحكي أنه كان بإشبيلية حكيم فاضل في الطب، يعرف بالفار، صنف كتابا في الأدوية المفردة، كان يرى ابن زهر كثيرا يأكل التين الأخضر، وكان الفار لا يأكله إلا نادرا، فكان يقول لابن زهر لا بدّ أن يعرض لك بمداومة أكل التين علة النغلة، وهي الدبيلة «٣» ، فقال له ابن زهر: وأنت لكثرة حميتك لا بدّ أن يعرض