عنه القيام، فقال سعيد: الله المستعان، ضعفت قوته الدافعة بقهر الغذاء لها، وستتحرك حركة منكرة، فما وافى السحر حتى قام قياما كثيرا، وخرج من أنطاكية وعلّته تتزايد ثم أتى مصر على عجلة تجرّ بالرجال، فلما أتى الفرما «١» شكا انزعاجا فركب الماء إلى الفسطاط، وضربت له بالميدان قبة نزل فيها، ثم ظهرت منه لسعيد بن نوفل نبوة وشكاه إلى كاتبه إسحاق بن إبراهيم، فأخذ يلوم ابن نوفل فقال: والله ما خدمتي له إلا خدمة الفار للسنور والسخلة للذئب. قال نسيم الخادم: وكان ابن توفيل آيسا من حياته، لأن ابن طولون امتنع من مشاورته، ويعتقد فيه أنه فرّط في أول أمره، وجيء بفاكهة من الشام، فقال له:
ما تقول في السفرجل؟. فقال: تمصّ منه على خلو المعدة. فلما خرج سعيد من عنده أكل سفرجلا عقيب عصيدة كان قد أكلها على غير رأي سعيد، فعصرها فتدافع الإسهال، فدعا به ثم قال: يا ابن الفاعلة! قلت إن السفرجل نافع لي، وقد عاد الإسهال. فقام فنظر المادة ورجع إليه، فقال: هذه العصيدة التي حمدتها وقلت إني غلطت في منعها عصرها السفرجل، وأنا ما أطلقت لك السفرجل وإنما أشرت بمصه، فقال: يا ابن الفاعلة! تريد تحجني وأنت صحيح سوي، وأنا عليل مدنف؟. ثم ضربه مائتي سوط، وطاف به على جمل، ونودي عليه: هذا جزاء من اؤتمن فخان، وأمر ببيته فنهب، ثم لم يعش سعيد بعد ذلك إلا يومين ومات.