قلت: وبهذا حدّثني شيخنا أبو الثناء محمود: قال أبو الصفاء: وأخبرني شيخنا نجم الدين الصفدي أن ابن النحاس كان يقول: لا أرضى بكلام أحد في القاهرة في النحو غير كلام ابن النفيس، أو كما قال.
وقد رأيت له كتابا صغيرا عارض به رسالة حي بن يقظان لابن سينا، ووسمه بكتاب:" فاضل بن ناطق"، وانتصر فيه لمذهب أهل الإسلام وآرائهم في النبوات والشرائع، والبعث الجسماني، وخراب العالم. ولعمري لقد أبدع فيها ودلّ ذلك على قدرته وصحة ذهنه، وتمكنه من العلوم العقلية.
وأخبرني السديد الدمياطي الحكيم بالقاهرة، وكان من تلاميذه قال: اجتمع ليلة هو وابن واصل «١» ، وأنا نائم عندهما، فلما فرغا من صلاة العشاء الآخرة شرعا في البحث وانتقلا من علم إلى علم، والشيخ علاء الدين كل ذلك يبحث برياضة ولا انزعاج، وأما القاضي جمال الدين فإنه ينزعج ويعلو صوته، وتحمر عيناه، وتنتفخ عروق رقبته، ولم يزالا كذلك إلى أن أسفر الصبح، فلما انفصل الحال قال القاضي جمال الدين: يا شيخ علاء الدين، أما نحن فعندنا مسائل ونكت وقواعد، وأما أنت فعندك خزائن علوم.
وقال أبو الصفاء: قال السديد أيضا: قلت يا سيدي لو شرحت" الشفاء" لابن سينا، كان خيرا من شرح" القانون" لضرورة الناس إلى ذلك. فقال:" الشفا"