حكى لي غير واحد من جيراننا بالقاهرة أنه كان معودا بمعالجة رجل بسويقة الصاحب، وقد عرف مزاجه ودربه، فمرّ به ذات يوم وهو راكب على حماره قد نزل من القلعة على بيته، فرأى ذلك الرجل جالسا على باب المدرسة الصاحبية «١» ، فوقف فرج الله قدامه، وذلك الرجل لا يشعر به، وأطال فرج الله النظر إليه، والتأمّل إلى سحنته، وهو صحيح سوي، لا يشكو مرضا ولا عرضا، ثم قال له: يا فلان هل عضّك في هذه الأيام كلب قطّ؟. فقال له: نعم، من أيام قلائل. فقال له: قم اقعد في بيتك والحق نفسك بالمداواة، ثم ساق حماره وأتى إلى أهل بيت الرجل، وقال لهم: اعلموا أنني رأيت صاحبكم ورأيت عليه علائم الكلب، فسألته إن كان عضّه كلب؟ فقال: نعم. فأمرته بأن يقعد في بيته، ويلحق نفسه بالمداواة والطب، فالله الله فيه والله الله في أنفسكم، فإنه قد كلب ويوشك أن يجفل من الماء بعد كذا وكذا يوم، ثم يموت بعد كذا وكذا!. فكان الأمر كما ذكره لم يخرم في شيء منه.
ولما اعتلّ والدي- رحمه الله- العلّة التي مات فيها كان أولها انصباب مادّة بلغمية إلى يده، فورمت منها يده، وهو ونحن لا نكترث بذلك ولا يهمنا، والأطباء تتردّد إليه في كل صباح ومساء لمعالجته، وفرج الله منهم، فأصبح ذات يوم وقد تصرّف الورم بجملته من يده وأصبح بارئا لا يشك في ذلك نحن ولا الأطباء، وكان منهم ابن البرهان، والسديد الدمياطي، فلما انصرفوا قال لي فرج الله: اعلم أن هذه المادة لم تتصرف، وإنما انصبّت بجملتها إلى مكان استضعفته من الأعضاء الباطنة، وأكبر ظني أن تكون انصبّت إلى قصبة الرئة، ولئن كان