وكبر لديه ما جمعته، وشهد «١» لي بأني لم أقصر، وبالفضل لمن اتبعته، ورأيت بين القدماء والمحدثين اختلافا في ألقاب الأنغام التي صنعوا فيها الأصوات، اختلافا في الأسماء لا في المسميات. وكنت وقفت على كتاب ابن ناقيا في الأغاني، وهو على طريقة القدماء، ولم أجد على طريقة المحدثين ما أرجع إليه ولا أتفهّم «٢» منه، وسألت جمال الدين عمر بن حضر بن جعفر، (عرف بابن زاده الديسني المشرقي) عن هذا ليبيّنه لي وهو عالم «٣» هذا الشأن بالشام، فلجلج «٤» ولم يبيّن، غير أنه قال: إنما غيرت التسميات إذ نشأ التوثي صاحب الأرمال الأربعة والأربعين ضربا، ثم سراج الدين الخراساني صاحب شيوه، وكلاهما من أهل ما وراء النهر، وكان ذلك بحضور الشيخ الفاضل شمس الدين محمد بن شكر الديري، فجعل يديه على الطريق وهو تارة وتارة، فآخر ما انتهى معه إليه أن قال: جسّ «٥» لي هذه الأبيات، ثم جعل ينشده بيتا بيتا من الأبيات التي فيها أصوات الأول المسماة بمصطلحهم، إلى أن ظهر له اتفاق القدماء والمحدثين في المعنى واختلافهم في اللفظ، فنزّل أسماء «٦» المحدثين على أسماء القدماء، ورتّب في هذا المقال، وفعل ما يعجز القرائح، ويرقّ عنها الأفهام «٧» ، ثم لخص فيه ما مضمونه:
اعلم أن الأوائل رحمهم الله، رتبوا ألحانهم على نوعين:
ضرب ولحن، مسمّيات بأسماء اصطلحوا عليها، وجعلوا أنواع الضروب