الله عليّ؟ قال: أنا رجل من أهل وادي القرى أشتهي هذا الغناء، قال له: هل لك فيما هو أنفع لك منه؟ قال: وما ذلك؟ قال: مئة «١» دينار وعشرة أثواب تنصرف بها إلى أهلك، قال له: جعلت فداك إن لي لبنية ما في أذنها- علم الله- حلقة من الورق «٢» فضلا عن الذهب، وإن لي زوجة ما عليها- شهد الله- قميص، ولو أعطيتني جميع ما أمر لك به أمير المؤمنين على هذه الخلعة «٣» والفقر الذي عرّفتكهما وأضعفت لي ذلك، لكان الصوت أحبّ إليّ، وكان ابن عائشة تائها لا يغني إلا لخليفة، أو لذي قدر جليل من إخوانه، فعجب منه وغناه الصوت، فطرب طربا شديدا وجعل يحرك رأسه حتى ظن أن عنقه ستنقصف، ثم خرج من عنده ولم يزوّده «٤» شيئا، وبلغ الخبر الوليد بن يزيد، فسأل ابن عائشة عنه فجعل يغيب عن الحديث، فعزم عليه الوليد فعرفه، فأمر بطلب الرجل فأحضره ووصله بصلة سنيّة وجعله من جملة ندمائه ووكّله بالسّقي، فلم يزل معه حتى مات.
قال يونس الكاتب «٥» : كنا يوما متنزهين بالعقيق أنا وجماعة من قريش، فبينا نحن [على] حالنا، إذ أقبل ابن عائشة ومعه غلام من بني ليث وهو متوكّئ على يده [ص ٨] فلما رأى اجتماعنا وسمعني أغني، جاءنا فسلّم وجلس إلينا وتحدث معنا، وكانت الجماعة تعرف سوء خلقه وغضبه إذا سئل أن يغني، فأقبل بعضهم على بعض يتحدثون بأحاديث (كثيّر) و (جميل) وغيرهما،