بالطلب، فهربوا وبقي الغلام والدّلال ما يطيقان براحا من فرط السكر، فأخذا وأتي بهما أمير المدينة، فقال للدّلال: يا فاسق، قال: من فمك إلى السماء، فقال: يا عدو الله، وما وسعك بيتك حتى خرجت بهذا الغلام إلى الصحراء تفسق به؟ قال: لو علمت أنك تغار علينا وتشتهي أن نفسق به سرا ما خرجت به من بيتي. قال: جردوه واضربوه حدّا، قال: وأي شيء ينفعك هذا، وأنا والله أضرب في كل يوم حدودا، قال: ومن يتولى ذلك؟ قال: أيور المسلمين، قال:
ابطحوه واجلسوا على ظهره، قال: أحسب الأمير قد اشتهى أن يراني كيف أناك، قال: أقيموه لعنه الله وأشهروه في المدينة مع الغلام، فأخرجا يدار بهما في السّكك، فقيل له: ما هذا يا دلال، قال: اشتهى الامير أن يجمع بين الرأسين، فجمع بيني وبين هذا، ونادى علينا، ولو قيل له الآن إنّك قوّاد غضب، فبلغ خبره الوالي، فقال: خلّوا سبيلهما لعنة الله عليهما.
قال: كان سليمان بن عبد الملك يبلغه نوادر الدّلال وطيبه وحديثه، فوجه مولى له وقال: جئني به سرّا، فنفذ المولى إليه وأعلمه ما أمر به، فخرج معه إلى الشام، فدخل على سليمان ليلا، فقال: ويلك ما خبرك؟ قال: جببت من القبل مرة يا أمير المؤمنين، فهل تريد أن تجبني الكرة من الدّبر؟ فضحك [ص ٤١] .
وقال: اغرب أخزاك [الله] ، ثم قال له: غنّ، فغنّاه في شعر العرجي:«١»[الطويل]
أفي رسم دار دمعك المتحدّر ... سفاها وما استنطاق ما ليس يخبر
تغيّر ذاك الرّبع من بعد جدّة ... وكلّ جديد مرّة يتغيّر