قال: فكاد الرشيد يرقص، واستخفّه الطرب حتى ضرب بيديه «١» ، ورجليه، وأمر له بعشرة آلاف درهم، فقال له: يا أمير المؤمنين، لهذا الصوت خبر، فإن أذن لي أمير المؤمنين حدثته، قال: حدّث، قال: كنت مملوكا لرجل من آل الزبير، فدفع إليّ درهمين أبتاع له بهما لحما، فخرجت فلقيت جارية على رأسها جرة مملوءة من ماء العقيق، وهي تغنّي بهذا اللحن في شعر غير هذا الشعر في وزنه ورويه، فسألتها ان تعلمنيه، فقالت: لا وحقّ القبر «٢» ، إلا بدرهمين، فدفعت إليها الدرهمين فعلمتنيه، فرجعت إلى مولاي بغير لحم، فضربني ضربا مبرحا شغلت بنفسي معه، فأنسيت الصوت، ثم دفع إليّ درهمين آخرين لأبتاع بهما لحما، فلقيت الجارية، فسألتها أن تعيد الصوت، فقالت: لا والله، إلا بدرهمين، فدفعتها إليها، فأعادته مرارا حتى أخذته، فلما رجعت إلى مولاي أيضا بلا لحم معي، قال: ما القصة في هذين الدرهمين؟ فصدقته عن القصة، وأعدت عليه الصوت، فقبّل بين عيني وأعتقني، فرحلت إليك بهذا الصوت، وقد جعلت لك اللحن في هذا الشعر، فضحك، ثم قال: دع الأول وتناسه، وأقم على هذا [ص ٧٥] الشعر بهذا اللحن، وأما مولاك فإني أدفع إليه بكل درهم ألف دينار، ثم أمر بذلك فحمل إليه من وقته.
ومما غنّى به إسماعيل الهربذيّ الوليد بن يزيد بن عبد الملك:«٣»[الهزج]