الكرم حسنة لم يسبق إليها، قال: وما هي؟ قال: دعي رجل من أهل الأدب إلى بعض المواضع، فسقي نبيذا غير الذي يشربونه، فقال فيهم:[المتقارب]
نبيذان في مجلس واحد ... لإيثار مثر على مقتر
فلو كان فعلك ذا في الطّعام ... لزمت قياسك في المسكر «١»
ولو كنت تطلب شأو الكرام ... فعلت كفعل أبي البختري
تتبّع إخوانه في البلاد ... فأغنى المقلّ عن المكثر
فبلغت الأبيات أبا البختري، فبعث إليه ثلاث مئة دينار، قال ابن عمار:
فقلت له: قد فعل جدّ هذا الفتى في هذا المعنى أحسن من هذا، قال: وما فعل؟
قال: بلغه أن رجلا افتقر بعد ثروة، فقالت له امرأته: افترض في الجند، فقال:«٢»[البسيط]
إليك عنّي فقد كلفّتني شططا ... حمل السّلاح وقيل الدار عين قف
تمشي المنايا إلى قوم فأكرهها ... فكيف أمشي إليها عاري الكتف
حسبت أنّ نفاد المال غيّرني ... وأنّ روحي في جنبي أبي دلف
فبلغت الأبيات أبا دلف، فأحضره وقال: كم أملت أن تعيش؟ [قال:] عشرون سنة، قال:[ص ٧٧] فأمر بإعطائه ألف دينار، قال: فرأيت وجه ابن أبي دلف يتهلل، وانكسر ابن أبي البختري انكسارا شديدا.