وقال: أنصفت وبالغت، ثم تناول أبو دلف القلم والبياض وكتب:«١»[الرجز]
ريعت لمنشور على مفرقه ... ذمّ لها عهد الصّبا حين انتسب
أهدام شيب جدد في رأسه ... مكروهة الجدّة أنضاد العقب
ثم تناوله ذلك وقال: ابن لي عليه أبياتا، وقد أجّلتك فيه حولا، فقال: أيها الأمير، تأمر فيفرغ لي بيت حتى يكون أجلى للشك، فأمر أبو دلف أن يخلى له بيت، ثم ركب أبو دلف إلى المأمون وخرج معه متصيدا، فرجع آخر النهار، فلما نزل، لم ينزع سواده قال: ليت شعري ما خبر عليّ بن جبلة الشاعر؟ قال: أيها الأمير، إنه زعم أنه فرغ من عمل القصيدة، فقال:[ص ٧٨] ويحكم أخرجوه إليّ، فأخرج.
فقال أبو دلف: هيه يا عليّ، ما عملت؟ قال: قد فرغت، قال: هات ويحك، بيّض وجهي عند من زعم أنك لست بشاعر، فأنشأ يقول:«٢»[الرجز]
أشرقن في أسود أزرين به ... كان دجاه لهوى البيض سبب «٣»
فاعتقن أيام الغواني والصّبا ... عن ميّت مطلبه حبّ الأدب «٤»
لم يرتدع مرعويا حين ارعوى ... لكن يد لم تتّسع لمطّلب
لم أر كالشّيب وقارا يجتوى ... أو كالشباب الغض ظلا يستلب «٥»
كان الشباب لمة ازهى بها ... وصاحبا غمرا عزيز المصطحب
إذ أنا أجري ددنا في غيّه ... لا أعتب الدّهر إذا الدهر عتب «٦»