للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان، وأظهر ما كان يسره من هذا الأمر، وباح به وهم وما فعل، فبلغ ذلك أبا سيعد بهادر خان سلطان ذلك الوقت، فعتب على أبيه جوبان، فقرأ جوبان من فعل ولده تمرتاش، ونهض إليه في وقت شتاء لا طاقة لأحد بسلوكه، وقطع إلى الروم كل جبل ثلج نزل عنه النظر، وأراد تمرتاش أن يضرب معه مصافا، فلاطفه أبوه، وراسله حتى كف وأذعن، وأخذه أبوه وأحضره إلى الأردو في هيئة المأسور المقهور.

وجوبان يظهر هذا، ويسر خلافة، ويبطن مخادعة السلطان أبي سعيد في أمره، فلما مثل تمرتاش بين يديه، فك إساره، وخلع عليه وتركه بالأردو مدة، ثم أعاده إلى الروم على ما كان عليه، وزاد في تخويله والتنويه بقدره.

ثم لما آن لدولة جوبان وبنيه الزوال، وكان منهم ما كان قويت أمراء الأتراك بالروم، وانتعشت قواهم ثم هم إلى الآن على هذا الحال على كثرة اضطراب أمر المغل وتفرق أهوائهم.

في هذه المدد كلها مع هذا ما استطاع أحد من أمراء الأتراك إلى (أن) يلتفت إلى شيء مما بأيديهم من الروم (المخطوط ١٨٣) لا ولا ارتجاع شيء مما كان تمرتاش بن جوبان قد أبان ملوكه وافتتحه واستضافه إلى ما بيده.

وهذه جملة ما حمله مقدار هذا التأليف من أخبار الروم، ما تضمنه مما دخل فيه بدلالة اللزوم، وبالله نسترشد ونستهدي، وعليه نتوكل وإليه ننسب.

وأما ما هو بأيدي النصارى فقد قال بلبان الجنوي: أن ممالك الروم كلها تترامى إلى رومية، موضع الباب ثم مملكة القسطنطينية ثم طرابزون.

فأما مملكة طرابوزن [١] ، فهي من ممالك عباد الصليب مملكة جليلة القدر، وعلى ساحل البحر على خرجة ماء ينطش، وهي مملكة أخذت غربا بشرق على أطراف مملكة الأتراك في البر المتصل بنا، وهي في جنوبي الروم، دق طرفاها واتسع


[١] طربيزون وطرابزون مملكة واقعة بين بلاد الروس وبلاد اليونان (ابن الأثير ١٢/١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>