قال أبو الفرج: إنما سمّيت سلامة القس، لأن رجلا يعرف بعبد الرحمن بن عمار الجشمي من قرّاء أهل مكة، كان يلقب القس لعبادته وأنه مرّ بمنزل أستاذ سلامة، فسمع غناءها فهويها «١» وهويته، وشغف بها واشتهر، حتى غلب عليها لقبه، وفيها يقول:«٢»[الوافر]
أهابك أن أقول بذلت نفسي ... ولو أنّي أطيع القلب قالا «٣»
حياء منك حتّى سلّ جسمي ... وشقّ عليّ كتماني وطالا
قال إسحاق: كانت حبابة وسلامة من قيان أهل المدينة، وكانتا حاذقتين ضاربتين ظريفتين، وكانت سلامة أحسنهما وجها، وكانت سلامة تقول الشعر، وكانت حبابة تتعاطاه فلا تحسنه.
قال أيوب بن عباية: كانت سلامة أحسنهما غناء، وهي المقدمة فلما صارتا إلى يزيد بن عبد الملك، ورأت حبّابة إيثار يزيد لها، ومحبته إياها، استخفت بسلامة «٤» ، فقالت لها: يا أخيّة، نسيت فضيلتي عليك، ويلك، أين تأديب الغناء؟ وأين خلق التعليم؟ أنسيت قول جميلة وهي تطارحنا وتقول: خذي اتقان ما أطارحك من أختك سلامة ولن تزالي بخير ما بقيت لك، وكان أمركما مؤتلفا، قالت: صدقت يا أخت والله لا عدت إلى شيء تكرهينه، فما عادت إلى مكروه، وماتت حبّابة، وعاشت سلامة بعدها زمانا طويلا.
قال: لما قدم عثمان بن حيان المري المدينة واليا عليها، قال له قوم من وجوه الناس: إنك وليت المدينة على كثرة من الفساد، فإن كنت تريد أن تصلح،