للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتخاطيط الغريبة، ولا يعرف هل عملت لظاهر الزينة أو لباطن من الحكمة وهي دار عظيمة هائلة البناء، بعقود منظمة وأبنية رفيعة واسعة رحبة مفروشة بالرخام الأبيض والجزع والملون وضروب من المسن الأخضر. (المخطوط ص ١٨٦) قال:

والملوك لم يسكنوها منذ عصر ميتشامون بها، ويقولون أنها مسكونة بمردة وفساق الشياطين، وأن فيهم من يتراءى [١] على مثال أصلة لا نطاق، والدار الأخرى هي التي يسكنها الآن الملوك، وتسكن إليها وهي على جلالة مكانها وفخامة قدرها لا تقارب دار الاسكندر ولا تدانيها في الإمكان والتشييد ورونق التأنيق والتنميق.

قال: ولقد كانت ملوك القسطنطينة تراقب ملوك القبجاق، وتؤدي إليهم القطيعة حتى تزوج هذا السلطان أزبك خان منهم فأمنهم ووضع عنهم أثقال تلك القطيعة، وأصر تلك الأتاوة وناموا الآن في مهاد الأمن، ورفعت عنهم غمم التكليف.

وقال لي غيره وقد سألته عن عدد جيوش الروم، فقال: هم عدد بلا نفع، قلت:

وهذا هو المشهور عندهم في كل زمان ومكان والمأثور عنهم أنهم وإن كانوا ذووي عدل ليسوا من الشيء شيء وإن كانوا، وإن هان أقوى اعتدادهم المخمر والخمير وأوفى حبهم الديباج والحرير، ما فيهم ضارب إلا بجنك [٢] أو عود، ولا طاعن إلا بين أعكان ونهود، ولا يشربون دما إلا من فم إبريق جريح، ولا يرون قتيلا إلا شخص زق طريح، ولا لهم وقائع إلا في طبقات الصحاف، ولا مواقع إلا بين فراش ولحاف.

لا يعرفون البيض الأبيض الدمى، ولا السمر إلا كل سمراء الدمى، ولا العجاج إلا من دخان عنبر، ولا أثر السيوف إلا في ثغر شنيب كأنه عقد جوهر ولا مقام إلا في مجلس راج، ولا اهتمام إلا بمجلس أفراح، ولا التماس إلا لغبوق أو اصطباح [٣]


[١] وردت بالمخطوط تيرآاي.
[٢] جنگ: وهي آلة موسيقية وهي جنگ أو الصنج (فرهنگ رازي ٥٦٤) .
[٣] الغبوق خمر المساء والاصطباح هو خمر الصباح ويسمى الصبوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>