والشهد لترك الشهد واشتارها «١» ، وكانت هي سبب الطعن عليه حتى أنفذته الرماح ونبذته لقى في مهبات الرياح، صارت إليه هي وسلامة القس، ونعم بهما طوال مدته مثل ليلة العرس، إنّ هوى حبابة سكن حبه وقلبه، وأشعله حتى ذهب بلبه، ثم وهبها سلامة ورضي بها، ولم يسخطه ملامة.
[ص ١١٢] قال أبو الفرج: أول ما ارتفعت منزلة حبابة عند يزيد أنه أقبل يوما إلى البيت الذي هي فيه، فقام من وراء الستر، فسمعها تترنم وتغني:«٢»[الخفيف]
كان لي يا يزيد حبّك حينا ... كاد يقضي عليّ لما التقينا
والشعر كان يا سفين»
، فرفع الستر، فوجدها مضطجعة مقبلة على الجدار، فعلم أنها لم تعلم به، فألقى بنفسه عليها وخزلت «٤» منه.
قال ابن شبه: لما ألح يزيد على الشرب وسماع الغناء، أقبل مسلمة عليه يلومه ويقول له: إنك وليت بعقب عمر بن عبد العزيز وعدله، وقد تشاغلت بهذه الأمة عن النظر في أمور المسلمين، والوفود ببابك وأصحاب الولايات والظلامات يصيحون، وأنت غافل عنهم، قال: صدقت والله، وأعتبه وهمّ بترك الشراب أيّاما، ولم يدخل على حبابة مدة، فدست حبابة إلى الأحوص أن يقول بيتا في ذلك، وقالت: إن رددته عن رأيه فلك ألف دينار، فدخل الأحوص على يزيد، فاستأذنه، فأذن له فقال:«٥»[الطويل]