هذه سبيله، وامتدت الأعين إلى مخارق، فبدأ مخارق فغنى:«١»[مجزوء الكامل]
إنّي امرؤ من جرهم ... عمّي وخالي من جذام
فما نهنه عمرو بن بانة من انقطاع نفسه حتى غنّى «٢»[السريع]
يا ربع سلامة بالمنحنى ... بخيف سلع جادك الوابل «٣»
وكان إبراهيم بن المهدي حاضرا، فبكى طربا، وقال: أحسنت والله واستحققت «٤» السبق، فإن أعطيته وإلا فخذه من مالي، يا حبيبي عني أخذت هذا الصوت، وقد والله زدت عليّ فيه وأحسنت غاية الإحسان، ولا يزال صوتي عليك أبدا، فقال عبد الله بن طاهر: من حكمت له بالسبق فقد حصل له، وأومأ بالبدرة فحملت إلى عمرو. قال: فلقي إسحاق [عمرو] بن راشد الخناق فقال له: بلغني خبر المجلس الذي جمع فيه عبد الله بن طاهر المغنين ليمتحنهم، ولو شاء كفيته، قال: أما مخارق فأحسن الناس غناء إذا اتفق له أن يحسن، وقلما يتفق له ذلك، وأما محمد بن الحارث فأحسنهم شمائل وأملحهم إشارة بأطرافه ووجهه في الغناء، وليس عنده غير ذلك، وأما عمرو بن بانة، فإنه أعلم القوم وأوفاهم، وأما علويه فمن أدخله مع هؤلاء؟