لا تصل إليها، يعترف لها مثل ابن المهدي، ويعترض عليها حتى تحضر معها في الندي، وكان لا يرى بنو العباس غير فينتها شرفا، ولا بعد أدنى هوى الرشيد في هواها إلا سرفا «١» .
قال أبو الفرج: كانت حلوة الوجه ضاربة متقدمة، وابتاعها جعفر بن موسى الهادي وأخذها منه محمد الأمين، وكانت قد وصفت له فبعث إلى جعفر يسأله أن يريه إياها فأبى، فزاره إلى منزله فسمع شيئا لم يسمع مثله، فقال لجعفر:
بعني يا أخي هذه الجارية، فقال: يا سيدي مثلي لا يبيع جارية، فقال: هبها لي، فقال: هي مدبّرة «٢» ، فاحتال عليه محمد حتى أسكره، وأمر ببذل فحملت معه إلى الحرّاقة «٣» وانصرف بها. فلما انتبه جعفر سأل عنها، فأخبر بخبرها، فسكت، فبعث إليه محمد من الغد، فجاءه وبذل جالسة فلم يقل له شيئا، فلما اراد جعفر الانصراف قال: أوقروا حراقة ابن عمي دراهم، فكان مبلغ ذلك عشرين ألف ألف درهم، قال: وبقيت بذل في دار محمد إلى أن قتل، ثم خرجت، وكان ولد محمد يدعون ولاءها، فلما ماتت ورثها ولد عبد الله بن [ص ١٤٦] محمد الأمين.
وقيل: كان محمد الأمين قد وهب لها من الجوهر شيئا لم يكن يملك أحد مثله، فسلم لها، فكانت تخرج منه الشيء فتبيعه بالمال العظيم، إلى أن ماتت.
وكان إبراهيم بن المهدي «٤» يعظمها ويتوافى لها، ثم تغير بعد ذلك استغنى بنفسه عنها، فعلمت ذلك وصارت إليه، ودعت بعود وغنّت في طريقة واحدة