العاشقين سقمها، وحنّ العود في يده حنين الحمام عليه أيام تأوّد.
ذكر أبو الفرج فقال، [قال] يحيى بن حازم، حدثني عبد الله بن العباس الربيعي قال: دخل محمد بن عبد الملك الزيات «١» على الواثق، وأنا بين يديه أغني، وقد استعادني صوتا فأعدته فأحسنت، فقال له ابن الزيات: هذا والله يا أمير المؤمنين أولى الناس بإقبالك عليه واستحسانك له، واصطناعك إياه، فقال:
أجل، فلما كان الغد [ص ١٥٤] جئت محمد بن عبد الملك الزيات شاكرا لحسن محضره، فقلت له في أضعاف كلامي: وأفرط الوزير أعزه الله في وصفي وتقريظي بكل شيء حتى وصفي بجودة الشعر، وليس ذلك عندي، وانما أعبث بالبيت والبيتين والثلاثة ولو كان عندي شيء يعد من ذلك لصغر عن أن يصف الوزير، ومحله في هذا الباب المحل الرفيع المشهور، فقال لي: والله إنك لو عرفت مقدار قولك حين تقول: «٢»[المجثث]
يا شادنا رام إذ مرّ ... في الشّعانين قتلي
يقول لي كيف أصبح ... ت كيف يصبح مثلي؟
لما قلت هذا القول، والله لو لم يكن لك شعر في عمرك كله إلا قولك (كيف يصبح مثلي) لكنت شاعرا.