للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لي: يا موصلي، قد اشتقت إلى بغداد: فقلت: يا أمير المؤمنين، لا والله، ولكني اشتقت إلى الصبيان، وقد حضرني بيتان، فقال: هاتهما، فقلت: «١» [الوافر]

حننت إلى الأصيبية الصغار ... وشاقك منهم قرب المزار

وكل مفارق يزداد شوقا ... إذا دنت الديار من الديار

فقال: يا إسحاق صر إلى بغداد، فأقم شهرا مع صبيانك، ثم عد إلينا، وقد أمرنا لك بمائة ألف درهم.

قال إسحاق الموصلي: قدمت سنة من السنين من الحج فصرت إلى سر من رأى فدخلت إلى الواثق، فقال لي: بأي شيء أطرفتني من أحاديث الأعراب وأشعارهم؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، جلس [إلي] فتى من الأعراب في بعض المنازل، فحادثني فرأيت منه أحلى من رأيت من الفتيان منظرا وحديثا وظرفا وأدبا، وسألته إنشادي، فأنشدني «٢» : [الطويل]

سقى العلم الفرد الذي في ظلاله ... غزالان مكحولان مؤتلفان

إذا أمنا التفا بجيدي تواصل ... وطرفاهما للريب مسترقان

أرغتهما ختلا فلم أستطعهما ... ورميا ففاتاني وقد قتلاني

ثم تنفس تنفسا ظننت أنه قد قطع حيازيمه، فقلت: مالك بأبي أنت؟

فقال: لي وراء هذين الجبلين [ص ١٩٥] شجن «٣» وقد حيل بيني وبين الوصول إليه، وقد نذروا دمي، وأنا أتمتع بالنظر إلى الجبلين تعللا بهما إذا قدم الحاج، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>