عليك يا محمد، إلا شربت معي قدحا، وصب له من نبيذ قدحا فأخذه بيده وقال له: من تحب أن يغنيك فأومأ إلى إبراهيم بن المهدي، فقال له المأمون: غن يا عم: «١»[البسيط]
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت
يعرض به لما كان لحقه من السوداء والاختلاط، فغضب المأمون حتى ظن إبراهيم أنه سيوقع به، ثم قال له: أبيت إلا كفرا، يا أكفر خلق الله تعالى لنعمه، والله ما حقن دمك غيره، ولقد اردت قتلك فقال لي إن عفوت عنه فعلت فعلا لم يسبقك إليه أحد [ص ٢٠١] فعفوت والله عنك لقوله، أفحقه أن تعرض به؟
والله لا تدع كيدك ودخلك، «٢» وأنفت من إيمائه إليك بالغناء، فوثب إبراهيم قائما وقال: يا أمير المؤمنين، لم أذهب حيث ظننت، ولست بعائد، فأعرض عنه.
قال حمدون: كنت أحب أن أجمع بين إبراهيم بن المهدي، وأحمد بن يوسف الكاتب، لما كنت أراه من تقدم أحمد عليه [وغلبته] الناس جميعا بحفظه وبلاغته وأدبه في كل محضر ومجلس، فدخلت يوما على إبراهيم بن المهدي، وعنده أحمد بن يوسف وأبو العالية الخزري، فجعل إبراهيم يحدثنا فيضيف شيئا إلى شيء، مرة يذكر ومرة يونث، ومرة يعظنا ومرة ينشدنا ومرة