الناس يوم الجمعة وأنا على المنبر، إياك أن تعود لمثل هذا، وكان يعقوب بن المهدي لا يقدر أن يمسك الفساء إذا جاءه، فاتخذت له داية مثلثة «١»[ص ٢١٢] وطيبتها وتنوقت فيها، فلما وضعتها تحته [فسا] ، فقال: هذه ليست بطيبة، [فقالت له الداية هذه قد كانت طيبة] وهي مثلثة، فلما ربعتها فسدت.
قال: وكان يعقوب هذا محمّقا، وكان يخطر بباله الشيء يشتهيه، ثم يثبت تحته ليس عندنا، فوجد في دفتر له ثبت ما في الخزانة من الثياب المثقلة الإسكندرانية، لا شيء، الفصوص الياقوت الأحمر من حالها كذا ومن نعتها كذا: لا شيء، فحمل إلى المأمون ذلك الدفتر فضحك لما قرأه حتى فحص برجليه وقال: ما سمعت بمثل هذا قط.
قال عمرو بن سعيد: لما مات أبو عيسى بن الرشيد وجد عليه المأمون وجدا شديدا، حتى امتنع من النوم ولم يطعم شيئا، فدخل عليه أبو العتاهية، فقال له المأمون: حدثني بحديث بعض الملوك ممن كان قبلنا في مثل بعض حالنا وفارقها، فحكى له حكاية الجارية التي أخبر سليمان بن عبد الملك أنها عرضت له وهو خارج إلى الجمعة، وأنشدته:«٢»[الخفيف]
أنت خير المتاع لو كنت تبقى
البيتان
وأنه أعرض بوجهه، فلم تدر عليه الجمعة إلا وهو تحت التراب.