فقلت له: لم يقدم المأمون هذا لتقديمه إياه في الموالاة، ولكن الشعر لم يصح وزنه إلا هكذا، فقال: وكان ينبغي له إذا لم يصح وزنه إلا هكذا أن يدعه إلى لعنة الله، قال: فلم أزل أرفق به إلى أن سكن، فلما قدم المأمون سألني عن هذا الحديث، فحدثته به فجعل يضحك ويتعجب منه.
قال أحمد بن يحيى المكي: دخلت على علويه أعيده من علة اعتلها، فجرى حديث المأمون، فقال: علم الله كدت أذهب ذات يوم وأنا معه، لولا أن الله عز وجل سلمني ووهب [ص ٢١٥] لي حكمة، فقلت كيف كان ذاك؟ قال: كنت معه لما خرج إلى الشام، فدخلنا دمشق وجعل يطوف على قصور بني أمية، فدخلنا صحنا «١» ، فإذا هو مفروش بالديباج والرخام الأخضر، وفيه بركة ماء يدخلها ويخرج منها من عين تصب إليها، وفي البركة سمك، وبين يديها بستان، وعلى أربع زواياها أربع سروات «٢» ، كأنها قصت بمقراض من التفافها أحسن ما رأيت قط من السرو قدا، فاستحسن ذلك وعزم على الصبوح «٣» ، وقال: هاتوا لي الساعة طعاما خفيفا، فأتي ببزماورد «٤» فأكله، ودعا بالشراب، وأقبل علي فقال: غنني ونشطني، فكأن الله عز وجل أنساني الغناء «٥» [كله إلا